الأوجه المُتعدّدة للسيد المسيح واسطورة أدونيس
الأوجه المُتعدّدة للسيد المسيح واسطورة أدونيس
لا احدَ يعلمُ ماذا حدثَ منذُ 7 الآف عام, هل هو فيضانٌ أغرقَ التجمعاتِ البشريةِ الأولى, أو حربٌ جروس بين حضاراتٍ وصلت بالعلمِ إلى ما يفوقَهُ عقلنا على تصوره, و أعادت البشرية إلى الصفر, أو قليلٌ من ذاك و قليلٌ من هذا
من هذا الصفر ظهرت الحضارة و الديانة الاولى في التاريخ المكتوب, في سومر على ضفافِ نهري دجلة و الفرات, أُنتجت الديانة الاولى الّتي تطورت و انتشرت الى باقي اجزاء الهلال الخصيب, و اخذت عدة اشكال لم تختلف بالمضمون, أحد هذه الاشكال عن الديانة القديمة كانت البولوثنيّة الفنيقيّة, التي تتشابه مع المسيحيّة بالفكرة و العبرة و الشّخصيّة, بين الإله (أدون) و السّيد المسيح, بين صراع الآله في جبالِ لُبنان و تجلّي المسيح على الحرمون, سنتبع هذا التشابه على هذه الرسالة من خلال تحليل الشّخصيات الأُلهيّة للإله (أدون)
قبل الخوض في غمار التاريخ القريب و روياته الملحميّة, لنأخذ رحلة إلى قبل مئة الف عام, لفهمِ صورةٍ موجزةٍ عن ما مارسوه أسلافنا البشر من ديانات في ذلك الوقت
البدايّة كانت في العصر الحجري القديم, ظاهرة دينيّة سُميت بالإحيائيّة, و هي الاعتقاد بأن لكل شيئ روحٌ تسكنه, الحجارة و الاشجار و حتى الكلمات, هي صور حيّة عن الطبيعية, و يعرفها عالم الانثروبولجيا الانكليزي "إدوارد تايلر" (1832-1917 ميلاديّة) بكتابه الثقافة البدائيّة: "المذهب العام للأرواح و الكائنات الروحيّة الأخرى" و أضاف "بأنها فكرة انتشار الحياة و الإرادة في الطبيعة"
بعدها بعشراتِ آلاف السّنين, في آواخر العصر الحجري القديم العلوي و دخول البشريّة بالعصر الحجري الحديث قبل 12 الف عام تقريبًا, بدأت مرحلة الديانة الشّامانيّة, و تمارس إلى حد الآن في شرق آسيا و سيبيريا و أماكن مختلفة من العالم تحت مسيمات مختلفة, و يقوم متعبدها "الشّامان" في أحد طقوسها, و هو ساحر و حكيم بالسّفرِ إلى عالمِ الأسلافِ و الشيطاطين, لمعالجة المرضى أو لنقل أرواح الموتى إلى عالمهم الجديد, عن طريق غناء أناشيد خاصة و التطبيل و الرقص حتى يفقد وعيه تمامًا, و عندها روحهُ تغادر جسدهِ إلى العالم السُّفلي في إعتقادهم
Contemplative shaman with trident on dirty ground photo by Gaurav Sood- Pexels.com |
إلّأ أنَّ كوكب الأرض دخل في مرحلة جديدة في تلك الفترة, فكانت بدايّة نهايّة العصر الجليدي, و خلالِ عشرةِ آلاف عام انحصر الجليد و أخذ شكله و تموضعهِ الحالي تقريبًا, مياه البحار و المحيطات ارتفعَ منسوبها و فياضاناتٌ عظيمة حدثت و هالكة لمن كان يعيش قرب السّواحل, فنحن نتكلم عن عصرٍ جليدي مستمر منذ ملايين السّنين, هذه الحوادث الطبيعيّة الّتي لم يشهد للإنسان القديم أن يراها من قبل أو يفسرها, إلّا أنَّ ما حدث هو قوّة إلاهيّة, و هذه الفياضانات كُتب عنها فيما بعدة أشكال في الميثيلوجيا السّومريّة و الاغريقيّة بروايّة غرق مدينة أطلانطس, فكما هو واضح قصة طوفان نوح لم تأتي من العدم
و مع دخول الانسان للعصر الحجري الحديث بإعادة تموضعهِ, و بدايّة استقرارهِ, طوّر السّومريون الفكّر الديني, و بدأت عندها ديانة تعدد الآلهة "البولوثنيّة" بشكلها المكتوب و المنقول في اللّقي الأثريّة, و الشخصيّة الأكثر تأثيرًا كانت من بين الآلهة القديمة, هو الإله (دموزي) عند السّومريون, المعروف ب (تموز) عند البالبليون و الآشوريون و(باخوس) عند الرومان و (أدون) بمعناه سيدي عند الكنعانيون و ب (أدونيس) عند الإغريق, و هو إله يُعبد من قبل الفينقيين و الإغريق معًا, و عُرف بأنّهُ إله الثمار و الحصاد و دورة الحياة
:ولادة أدونيس
كتبَ انطوان خوري حرب في كتابه جذور المسيحيّة في لبنان: "بالنسبة إلى ولادة (أدون) تقول الأسطورة أنّهُ كانَ يعيش في لبنان-فينيقيا ملك اسمهُ (ثياس), تارةً يدعوه بعضهم (فينيكس) و تارةً أخرى (أجنور), و كان ل (ثياس) إبنه رائعة الجمال تُدعى (ميّرها) أو (سميرنه), كانت (ميّرها) تفاخر متباهيّة بجمالها, مما أثار غيرة إلهة الجمال (عشتاروت) و نقمتها و دفعها إلى استصدار حكم من الآله (القدر) يقضي بأن يسيطر عليها حبّ لوالدها, شائن أثيم و جارف, ضاجع الأب ابنتهُ, من غير أن يعرف هويّتها, لأنها كانت تدخل عليه في الظلام وهو في حال سكر, و دفع الفضول الملك لمعرفة هذه المرأة الغريبة, فأضاء مصباحًا كان قد أخفاه بجانبه, و إذ أدرك هويّة الأميرة, اعتراه غضبٌ شديد و همَّ يقتل (ميّرها) الّتي هربت مُستنجدة بالآله"
و تُستكمل الاسطورة, أنَّ بعد هروب الأميرة (ميّرها) من فينيقيا, ذهبت إلى (زيوس) كبير الآلهة الإغريقيّة مُستنجدةً بهِ, تلت عليهِ قصتها, فأشفق عليها, و حوّلها إلى شجرة المرّ و دموعها إلى حُبيبات بخور, و لكن كانت (ميّرها) حامًلا من أبيها و عندما حانت الولادة, انشقَّ جذع شجرة المرّ و خرج من لحائها, ممن وصفوه بأجمل مخلوق عرفتهُ الآلهة و البشر, كان (أدون) النُعمان, إله جميع الحظائر, و الجمال و الخصوبة و الذكورة
انبهرت (عشتاروت) من شدّة جمال الطفل, فأخذتهٌ و وضعتهٌ في صندوق و ذهبت إلى (بيرسيفوني) آلهة العالم السّفلي عند الإغريق, و أوصتها بأن تخفيه عندها, و لكن (بيرسيفوني) لم تسطع المقاومة و قامت بفتح الصندوق, فوقعت بحب (أدون) من نظرتها الأولى عليه, و أخذت على نفسها تربيته, و عندما عادت (عشتاروت) مُطالبةً إياه, رفضت (بيرسيفوني) إعطائها الإله, فغضبت منها (عشتاروت) و هددتها اذا لم تعطها (أدون) ستبقى عندها في العالم السّفلي, فرفعت القضيّة إلى (زيوس) لحل المشكلة, و أمر بأن يقضي ستة أشهر من السنة عند (بيرسيفوني) و ستة أشهر عند (عشتاروت) و الثلاث الأشهر الأخيرة يقضيها (أدون) حيثما شاء, فاختار أن يقضيها عند (عشتاروت) لشدّة حُبهِ لها, و اختياره هذا سَيُعبّر عن تعاقب فصول السّنة
Venus, Adonis and Cupid by Annibale Carracci c. 1595 CE |
انتشرت عبادة الآلهة (أدون) تحت عدّة مُسميات في سوريا و الأناضول و اليونان, فالأنباط الّذين أقاموا مملكة لهم جنوبي سوريا, قابلوا (أدون) ب (ذو الشّرى), و أقاموا لهُ معبدًا في عصامتهم البتراء و آخر في مدينة بصرى, و كانَ يُحتفل به مرتين في السّنة, الأولى في عيد رأس السّنة السّوريّة عند الانقلاب الربيعي, و يتخلل الاحتفالات ألعاب رياضية سُميت بألعاب (ذو الشّرى), بينما الاحتفال الثاني, كانَ بعد قطف و جني الثمار, و خصوصًا العنب, فكانوا يعتّقونه ليجعلوا منه خمرًا ليشربوه, و وصوِّرَ (ذو الشّرى) على العملات النقديّة و هو يمسك عنقود عنب بيد و كأس خمر باليد الأُخرى, و ذَكَرَ أسقف مدينة سلاميس القبرصيّة "إيبفانيوس السّلاميسي" (310-403 ميلاديّة), المولود قرب مدينة بيت مين في فلسطين, بأنَّ: "(ذو الشّرى) هو ابن الآلهة العذراء (اللّات), و كانوا الأنباط يحجون إلى معبدهِ في البتراء للاحتفال بعيد مولده في 25 من كانون الأول من كل سنة", و عُرّف عندهم أيضًا باسم (ديونيسياس) الاسم القديم لمدينة السّويداء في العصر الهيليني الروماني و (ديونيسياس) من الاسماء الاغريقيّة المشتقة من (ادونيس), و كان إله الخمر, والدهُ كبير الآلهة (زيوس), واسطورته أيضًا تقول بأنّهُ مولود من عذراء في 25 من كانون الأول
و في السّياق ذاته, في الوسط الغربي من الأناضول ظهرت مملكة فريجيا (1200-700 قبل الميلاد), الّتي قامت بعبادة الآلهة (أتيِّس) بمعنى الصّبي الجميل, والدته الإلهة (نانا) حوريّة النهر العذراء الّتي تحولت الى شجرة لوز قبل أن تلده, و بموته تقول الأسطورة بأنّهُ صُلب و بعد ثلاثة أيام تغلب على الموت و عادَ إلى الحياة, و يذكر الدكتور "عيد مرعي" بدراستهِ "عبادة آلهة الخصوبة": بأن الامبراطور الروماني "كلاديوس" (10 قبل الميلاد-54 ميلاديّة) اكسبَ عبادة (أتيِّس) صفة رسميّة, و يتم الاحتفال بموته و بعثه سنويًا في زمن الانقلاب الربيعي في 25 من آذار بعد ثلاثةِ أيام من موته, و عُدَّ كذلكَ 25 من كانون الأول عيدًا لميلادهِ, و عرفوه الأتروسكيّون, أسلاف الرومان, ب (أتونيس) و صوروا نعشه مع (بيرسيفوني) و (أفروديتي) الّتي تقابلها (عشتاروت) الفينقيّة
:موت أدونيس
كانت (بيرسيفوني) الناقمة على (عشتاروت), تُريد قتل (أدونيس) ليعود إليها إلى العالمِ السُّفلي, فذهبت إلى (آريس) إله الحرب عند الإغريق, و كان هو كذلك يشعر بالغيرة من (أدونيس) كونه يعاشر (عشتاروت) عشيقتهِ القديمة, واتفقوا على قتلِ الإله الشّاب, من دونِ أن يُعلمَ (عشتاروت), ذهبَ (أدونيس) برفقةِ كلابهِ إلى الصّيدِ في جُبيل قُربَ مغارة أفقا الّتي تَدَفقُ منها مياه نهر "ادون" أو "ابراهيم", و تُعتبر المغارة مقرًّا للإله (إيل) الفينقي, إلهُ البشرِ و كُلِّ المخلوقات, أرسلَ (آريس) خنزيرٌ بري إلى المنطقة, اشتمت كلابُ (أدونيس) رائحةِ الخنزير, و لمّا ظَهَرَ من بينِ الشُّجيرات, استلَّ (أدونيس) رُمحهُ, و رما به الخنزير فأصابهُ في مَكّمنٍ لَمْ يَقتُلُهُ, فهاجَ الخنزير و هَجَمَ على الإله و انقضَّ عليهِ و جرحهُ جُرحًا بليغًا, أوقعَ (أدونيس) أرضًا, مُضرجًا بدمائهِ الّتي سالت على التراب, يِلفظُ أنفساهِ مُتألِّمًا, هَبّت الرّياحُ, فوصلَ أنينهُ إلى مسامعِ (عشتاروت) فقدِمَتْ إليه مُسرعةً, فوجدتهُ يحتضر, اقتربت منهُ و ضمَّتهُ, مُحاولَةً منحهُ الحياة, قبّلتهُ, لكن ماتَ (أدون) من دون أن يشعُرَ بِقُبلةِ حبيبته
بموتِ (أدونيس), توقفت الثمار عن النمو, و الحيوانات عن الإخصاب, و ذَرَفَ الجميع الدموع لموتهِ, و خيّم الحزن أرجاء سوريا و اليونان, حَمَلّتْ بهِ (عشتاروت) إلى مغارة أفقا, و بدأ السُّكان بالحجِّ إليها, الرجال يضربون أنفسهم و النساءُ تنوح, وينشدون الأغاني الحزينة, دمائَهُ الّتي سَقت التُّربة نَبَتَت عليها زهراتٌ حمراءِ اللّون أُسموها بشقائقِ النُعمان, و تغيَّرَ لون النهرِ إلى الأحمر, وبُني بجانب المغارة, معبدًا ضخمًا ل (عشتاروت) يعود إلى الألف الرابع قبل الميلاد ما تزالُ آثاره حاضرة
The Death of Adonis Painting by Peter Paul Rubens c1614 CE |
و تَتِمة الأسطورة تقول: بأنَّ وبعد نزولِ (عشتاروت) إلى العالمِ السُّفلي لإرجاع (أدون), رفضت (بيرسيفوني) إعادتهِ إلى الحياة, فرفضت (عشتاروت) المغادرة من عندها إلى أن تدخل (زيوس) من جديد لحل المشكلة, و أحيا الإله من الموت, و عندما عاد (أدونيس) إلى الحياة, عادت معهُ الفرحة على الكائنات, و نزلوا السُّكان إلى الشّوارع مُحتفلين بانبعاثِ إلاهِهم, فحضّروا الأضاحي, و زُرعت البذور, و أقاموا الزيجات, و شربوا الخمور, و بعض النساء مِمَن سُمِيوا ببغايا المعبد, كانوا يختارون رجلٌ واحدًا ليطارحونهُ الغرام تعبيرًا منهم عن الحُب, و آخرون أقاموا الحفلات الجنسيّة الجماعيّة, وكانوا يهتفون: "أدون قام !"
و عن هذه الاحتفالات ذكرَ الهجائي السّوري "لوقيان السّمساطي" (125-180 ميلاديّة) في كتابه "عن الآلهة السّوريّة": عن رجلٌ من جُبيل اللّتقى به, مُستهزئًا بإسطورة الإله (أدونيس) قائًلا: "هذا النهر يا صديقي و ضيفي, يجتاز لبنان و أرضُ لبنان تكسوها تربة حمراء, في مثل هذهِ الأوقات من السّنة الّتي مات فيها (أدون), تَهًب على جبال لبنان رياحٌ هوجاء تحملُ معها التُربة الّتي لونها شبيهة بالزنفجر "القرميدي الأحمر", و تقع هذه التُربة على النهر ف تُغير من لونه, و هكذا يعود تَغيُّر لون النهر إلى التربة و ليس إلى دماء الإله كما يدعون", و يُضيف لوقيان مُتتبعًا: "هذا هو التفسير الّذي قدّمهُ لي الجُبيلي, فإذا كانَ كلامهُ صحيحًا, فإنَّ هذا التوافق بين الريح و الحادث لا يبدو لي أقلَّ أُلوهيّة في أروعِ مظهرٍ له"
كانوا المُتعبدون, يزرعون في أواني صغيرة زهرة النُعمان أو بذرة قمح, تعبيرًا منهم على قُصرِ حياة (أدونيس) و تجسيدًا لدورة الحياة لموت تِلك النباتات بسرعة, و يضعونها في معبد أفقا و معابده المنتشرة على كامل سوريا, و ينشرون الخرق على الأشجار و يزينوها بالحُلي, تقديسًا منهم للشجرة الّتي أنجبت إلاهِهم, و استمرَ معبد أفقا كقُبلة للحج إلى أن أمرَ الامبراطور "قسطنطين الأول" (272-337 ميلاديّة) بهدمهِ, و في القرن االرابع الميلادي أمرَ رئيس أساقفة القسطنطنيّة القديس "يوحنا فم الذهب" (347-407 ميلاديّة) المولود في إنطاكيّة, ببناء كنيسة فوق رُكام المعبد مُكرسة للسيدة مريم العذراء, و في القرن الخامس الميلادي اُستبدلَ اسم نهر "أدون" ب "ابراهيم", تكريمًا للقديس "ابراهيم القوشري" أحد تلامذة الناسك "مار مارون" (القرن الرابع الميلادي-410) شفيع و مؤسس الطائفة المارونيّة, و معهُ استُبدل اسم السّمك الّذي يعيش عند مصب النهر, إلى "سيدي ابراهيم" أو "السُّلطان ابراهيم"
Death of Adonis by Luca Giordano c.1685 CE |
ْالخِتام
بعد موت "الإسكندر المقدوني العظيم" (336-323 قبل الميلاد), انهارت امبروطريتهِ و تقاسم قادتهُ الامبروطوريّة, و أُنشئّ أحد قواده "سلوقس المنتصر الأول" (281-359 ق.م) الامبراطوريّة السُّلوقيّة في القرن الثالث قبل الميلاد على سوريا, واستمرت قُرابة القرنين و النصف و بنا إنطاكيّة عاصمةً لهُ, و بدأت حينها فترة العصر الهلنستي, و هي حقبة تاريخيّة الأهم في تاريخنا من وجهة اعتقادي لأنّها أكثرها تغييبًا, و الّتي من خلالها انتشرت عشرات المدراس الفلسفيّة الّتي أثارت موجات ثقافيّة اعتارت العالم الهيليني المُكتظ بالطوائف الفلسفيّة و الديانات المتعددة, و أهم هذه المدارس كانت الرُّواقيّة الّتي اهتمت باللإنسان و سلوكهِ, و حضرت شخصيّة الفرد السّوري بتشعُباتهِ إلى المسيحيّة
لَم أشئ التطرق إلى تأثير الفلسفة الرُّواقيّة بالبولوثنيّة الفينيقيّة الّتي أسسها الفيلسوف "زينون الرُّواقي" (262-334 قبل الميلاد) و كان فينيقي من كوتيوم القبرصيّة, و انتشرت فلسفته في العصر الهلنستي, و كانت تدعو إلى الفضيلة و كبح الجماح و الحفاظ على الأخلاق و هي فلسفة اعتقدوا روّادها بالحلوليّة و الايمان بوجود اللّه في كل جزء من الكون, و دعوا إلى وحدة شعوب عالميّة, استمرت قُرابة 829 سنة منذ تأسسيها 300 قبل الميلاد في أثينا حتّى إغلاق مدارسها على زمن الامبراطور "جستينيان الأول" (482-565 ميلاديّة), و تأثرَ بها صفوة المثقفين حول العالم الهيليني القديم, و من أبرز روّادها السّوريين كانوا: "خريسبيوس" (280-206 قبل الميلاد) من صولي في كيليكيا, و "ديوجانس البابلي" (150-240 قبل الميلاد), و "يوسيدونيوس الأفامي" (135-51 قبل الميلاد), و "انتربيتار" الصّوري (95-46 قبل الميلاد), و "ابولونيوس الصّوري" المتوفي سنة 50 قبل الميلاد, و "انتربيتار" من مدينة طرسوس في كيليكا و ماتَ 129\130 قبل الميلاد, و الشّاعر "ملياغر" (140-70 قبل الميلاد) المولود في قرية غادرا أو أُم قيس شمالي الكيان الأُردني و تعلَّم في صور و مات على جزيرة كُسْ اليونانيّة, و غيرهم من الرُّواقيون الّذين وضعوا أساسات سلوكيات المجتمع الهيليني على مرِّ عصورهِ, و غيّروا العديد من المفاهيم الأخلاقيّة الّتي كانت سائدة, و هذهِ الإضائة بحاجة إلى رسالةٍ مستقلّة
و على هذهِ الرّسالة تتبعنا بعض الشّخصيات الأُلهيّة للإله (أدون), شخصيّة من الثقافة السّوريّة تناقلوها أسلافنا بعدةِ صور مختلفة و تحولت إلى أشكال عديدة كيفما ما اقتضت الحاجة السّياسيّة و الثقافيّة, إلى أن اُستبدلت بيسوع المسيح ابن مريم العذراء, و يُعبر عن تجذّره في سوريا بثقافتها و بعاداتِ شعبها مُنذُ قِدمِ تاريخنا, كشخصيّة إقناعيّة يربطوا عليها الآمال, و عليهِ المسيحيّة هي تطور في الثقافة الإنسانيّة, فأبطالِ الميثيلوجيا قد يكونوا آلهة أو بشرٌ خارقين, فنت أجسادهم و تخلدت فكرتهم, من غيرِ أن يدركوا بأنّهم أسسوا على تراكُمِ السّنين ثقافتنا المحليّة, ثقافة التأليه و التّفرُّدِ بِعبادة الشخضيّة, الّتي مازلنا نعاصرها إلى حَدِّ الآن
سامي الأطرش
Comments
Post a Comment